الأشباح”… خلية سرية سورية تلاحق جلادي نظام بشار الأسد في أوروبا “صدى الخبر

admin16 مايو 20240 مشاهدةآخر تحديث :
الأشباح”… خلية سرية سورية تلاحق جلادي نظام بشار الأسد في أوروبا “صدى الخبر

موفد فرانس24 إلى مهرجان كان – أحدث فيلم “الأشباح” رجة خاصة سواء في الأوساط المهتمة بالشأن السينمائي أو السوري، لأنه لربما العمل الأول الذي يتناول موضوع مجموعات سرية سورية تنشط في الخفاء لتحديد قائمة جلادي بشار الأسد وملاحقتهم أمام المحاكم الأوروبية. وهو أول فيلم للمخرج الفرنسي جوناثان ميلي، يشارك به في مسابقة “أسبوع النقاد”، والذي كشف في تصريح لفرانس24 أنه تعذر عليه العثور على ممثلين سوريين بإمكانهم القول إنه يوجد تعذيب في بلادهم.

نشرت في:

7 دقائق

قصة اللجوء واللاجئين المؤلمة تكاد تكون حاضرة باستمرار في مهرجان كان. فالجراح الجسدية التي يمكن أن يتعرضوا لها قد تشفى في وقت محدد، لكن الجروح النفسية بالإمكان أن تبقى إلى الأبد، والتخفيف منها والعمل على تجاوزها يأتي بنسق مدروس، يستعيد معه الشخص قدراته، ما قد يساعده على الانطلاق في حياة جديدة، يطوي فيها الآلام السابقة كليا أو جزئيا.

وهذا يمكن أن ينطبق على لاجئين سوريين نجوا من عذابات السجانين والجلادين ووصلوا إلى أوروبا، محملين بقصص موغلة في الألم، يكون في الكثير من الأحيان من الصعب تجاوزها نفسيا في وقت وجيز، بل تحتاج للمتابعة القضائية والطبية عن قرب والمصاحبة لدمج الشخص المعني في المجتمع المضيف بأكثر سلاسة.

هذا ما يطرحه بطريقته المخرج الفرنسي جوناثان ميي في فيلم “الأشباح”، الذي تم عرضه في “أسبوع النقاد”، واعتمد فيه على موهبة الفنان التونسي آدم بيسا الحاصل على جائزة أحسن ممثل في مسابقة “نظرة ما” الموازية لمهرجان كان 2022. وجسد بيسا الدور المنوط به بالكثير من الحِرَفية، ذاب بفضلها في الشخصية التي لعبها  فصفق له جمهور كان.

آدم تعلم السورية وتوفيق الفرنسية

لم يكن اختيار الممثل التونسي سهلا بالنسبة للمخرج الفرنسي، وتطلب منه الأمر حط الرحال بـ15 بلدا يُتحدث فيه باللغة العربية لأجل ذلك، إلى أن استقر اختياره على بطل فيلم “الحرقة” للمخرج المصري لطفي ناثان. وكان عليه قبل البدء في أداء دوره تعلم اللهجة السورية الذي أخذ منه أسابيع، وفق ما أعلنه صاحب العمل.

كما أوضح المخرج أنه “قبل تجسيد الدور طلبت من بطلي الفيلم الاطلاع كثيرا لاستيعاب الشخصية التي سيجسدان. آدم مثلا، الذي يؤدي دور “حميد”، قضى ليالي طويلة في الاستماع لشهادات وحكايات تعذيب، مشاهدة صور سجون، وإيجاد الطريقة التي يخرج بها ذلك أمام الجمهور”.

مهرجان كان السينمائي
مهرجان كان السينمائي © استوديو غرافيك فرانس ميديا موند

“أما (الفلسطيني) توفيق برهوم، فهو أقرب من هذه الأوضاع، الموضوع يعني له الشيء الكثير، لكنه لعب الدور السيء، وكان عليه التحدث باللغة الفرنسية وتعلمها في ظرف ثلاثة أشهر. وهذا كان من الضروري، لأن دوره في الفيلم يتطلب ذلك كمقيم في فرنسا منذ مدة يرغب في الاندماج بالمجتمع الفرنسي، ويريد وضع قطيعة مع لهجته. وما قام به أمر لا يصدق. وليس من السهل أن تطلب من كوميدي التمثيل بلغة غير لغته”، وفق ما جاء في حديث المخرج.

“من الصعب العثور على ممثلين سوريين يقرون بوجود تعذيب”

ولم يتمكن المخرج جوناثان ميي، بكسر الميم، من العثور على ممثلين سوريين للعب دور البطولة في عمله، بسبب تخوفاتهم من ردة فعل النظام في بلادهم، ما اضطره إلى التنقيب الواسع عن اسم غير سوري تستوفى فيه الشروط المطلوبة.

“بحثت عن ممثلين سوريين لكن من الصعب جدا العثور على ممثل يحمل الجنسية السورية يقول إنه كان هناك تعذيب في سوريا من قبل النظام. العديد من الممثلين السوريين قالوا لي لا يمكن لهم لعب هكذا دور بحكم تواجد عائلاتهم في بلادهم أو العودة يوما إليها”، حسب توضيحات المخرج.

لماذا الموضوع السوري؟

اختيار المخرج لهذا الموضوع انبثق من اهتمامه بقضية اللجوء واللاجئين. ويقول بهذا الشأن: “في البداية كان لي مشروع العمل على لاجئي الحرب. وبعد لقاءات مع لاجئين يحملون آثارها، خاصة من السوريين، وخلال مدة استماعي لقصص هؤلاء بدأت أبحث في الوقت نفسه في أي زاوية يمكن أن أضع الكاميرا، وعند سماعي عن مجموعات سرية صغيرة، قررت حينها أن أتناول هذا الموضوع.”

وكانت هذه الزاوية ذلك “الجزء غير المرئي” الذي يكتشفه الجمهور في الفيلم، “يجمع بين الاستخبار والمجموعات السرية…” وغيرها. موضوع “انجرف معه المخرج، علما أن العمل مستقى من وقائع حقيقية، “تجذبني باستمرار وتثير فضولي” على حد قوله.

لكن لم يكتف بهذه الوقائع فقط بل وظف حسه الإبداعي وطاقة خياله لتوليف كل العناصر في قالب فني سينمائي، صفق له الكثيرون في كان. فخيال المخرج هو “الوسيلة الوحيدة لتكريم وقائع حية استمعت إليها. وهذا الخيال سمح لي بإعادة كتابة قوة الواقع بطريقة أفضل… وأعتقد أنه الطريقة الأنسب ليعيش الجمهور من جديد تجربة واقع شخص ما والاقتراب منها أكثر”.

وهذا الأسلوب في الفن السابع يعتبره ميي “مقاربة سينمائية فريدة جدا، تتخذ بطريقة لا يمكن أن يقوم بها مثلا الصحافي، الذي يعالج الموضوع بالاعتماد على وثائق حقيقية…”.

الجرح السوري يبقى حاضرا

يأتي هذا العمل ليعيد الرأي العام الغربي للكارثة السورية التي توارت عن الأنظار بفعل تواتر أحداث ساخنة أخرى. ويذكر الرأي العام الدولي أن جرح هذا البلد العميق على أكثر من مستوى لم يشف بعد.

فرغم سنوات الاغتراب والمنفى الطويلة، تظل سوريا حاضرة بقوة بداخل مواطنيها بالخارج بكل أحداثها والجرائم التي ارتكبت على أراضيها وبحق ناسها، وحميد الذي جسده آدم في الفيلم، من ضمن هؤلاء. فهذا الماضي ظل يطارده، وأصر على ملاحقة الجلادين الذين اغتموا فرصة من الفرص للإقامة في أوروبا.

ويبقى الملف السوري عموما مفتوحا فيما أدخله مخرج العمل في سياق أحداث محددة مرتبطة به. ويفسر ميي: “في ألمانيا تمت ملاحقة عسكريين سابقين في الجيش السوري بتهم مرتبطة بجرائم حرب عندما بدأت كتابة الفيلم، وتمت محاكمتهم في الوقت الذي بدأنا في التصوير، وفي اللحظة التي انتهيت من إخراجه صدرت مذكرة توقيف بحق بشار الأسد قبل أربعة أشهر”.

ولم يكن يتوقع البعض أن تتم محاكمة جلادين سوريين في محاكم أوروبية يوما. “فكرة الفيلم انطلقت من المستحيل إلى الممكن” يلفت المخرج، ولدت انطلاقا مما قامت به مجموعات سرية من السوريين، لاحقت هؤلاء لدى مؤسسات قضائية مدعمة بوثائق. واقتنعت أن هذا العمل إن لم يقم به السوريون أنفسهم في أوروبا لا يمكن لأي جهة أخرى أن تقوم به محلهم.

فيلم جدير بالمشاهدة.

بوعلام غبشي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...سياسة الخصوصية

موافق