توعدت الولايات المتحدة بالرد في الوقت المناسب والطريقة التي تختارها على الهجوم الذي استهدف الأحد قاعدة تستضيف قواتها في الأردن، وأدى لمقتل وجرح عسكريين أمريكيين. يطرح هذا التهديد تساؤلات حول نوع وحجم الرد الذي ستنفذه واشنطن، وحيال تداعيات هذا التصعيد ومآلاته في ظل مخاوف من انزلاق المنطقة برمتها إلى مواجهة شاملة.
نشرت في:
7 دقائق
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الأحد عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة ما لا يقل عن 34 آخرين في ضربة بطائرة مسيّرة شنها مسلحون مدعومون من إيران على قوات أمريكية في الأردن، في أول هجوم يكبد القوات الأمريكية خسائر بشرية منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل.
ويمثل الهجوم، الذي نفت إيران ضلوعها فيه، تصعيدا كبيرا للتوترات التي تجتاح الشرق الأوسط، وسط مخاوف من تحول الحرب في غزة إلى صراع يشمل جماعات متحالفة مع إيران في لبنان واليمن والعراق.
وقال بايدن في بيان: “في الوقت الذي لا نزال نجمع فيه الحقائق عن هذا الهجوم، نعرف أنه من تنفيذ جماعات مسلحة متشددة مدعومة من إيران تعمل في سوريا والعراق”. مضيفا: “مما لا شك فيه أننا سنحاسب كل المسؤولين في الوقت وبالطريقة التي نختارها”.
وأصيب ما لا يقل عن 34 جنديا في هجوم الأحد شمال شرق الأردن، وفقا لبيان صادر عن القيادة المركزية الأمريكية. وقال الجيش الأمريكي إن الحادثة وقعت في قاعدة قرب الحدود السورية. ولم يذكر اسم القاعدة، لكن مصدرا مطلعا حدد أنها البرج 22 في الأردن.
وتتمتع قاعدة البرج 22 بموقع استراتيجي مهم في أقصى نقطة شمال شرق الأردن حيث تلتقي حدود المملكة مع سوريا والعراق. ولا يوجد سوى القليل من المعلومات المعلنة عن القاعدة. لكنها تشمل الدعم اللوجستي ويوجد فيها 350 جنديا من الجيش والقوات الجوية الأمريكية.
وسلّطت الهجمات الصاروخية التي شنتها جماعات مسلحة متحالفة مع إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن هذا الشهر الضوء على تزايد خطر نشوب صراع إقليمي أوسع بين إيران وحلفائها من ناحية وإسرائيل والولايات المتحدة من ناحية أخرى.
اقرأ أيضاماذا نعرف عن الهجوم على القاعدة العسكرية في الأردن الذي أودى بثلاثة عسكريين أمريكيين؟
وفيما تحتفظ واشنطن رسميا بالوضع الذي يتمثل في أنها ليست في حالة حرب بالمنطقة، فهي ترد على الجماعات المتحالفة مع إيران في العراق وسوريا وتنفذ ضربات تستهدف القدرات العسكرية للحوثيين في اليمن.
لتسليط الضوء على هذا الموضوع وتداعياته وللوقوف عند طبيعة الرد الأمريكي المحتمل على الهجوم، طرحنا بضعة أسئلة على عمر الرداد خبير أمني واستراتيجي.
-
فرانس24: ما طبيعة الرد الأمريكي المحتمل والمواقع المرجح ضربها؟
عمر الرداد: أعتقد أن الرد الأمريكي سيكون عبارة عن رسائل مباشرة للقيادة الإيرانية، بمعنى أنه سيذهب إلى رؤوس فصائل الحشد الشعبي والفصائل الولائية العراقية بما فيها المتواجدة في سوريا. قد يتم عبر تنفيذ ضربات هادفة ونوعية ستشمل الكثير من قواعد هذه الفصائل ورموزها. يريد الأمريكيون أن تكون عملية خاطفة وبمستوى الضربة التي وجهت عام 2020 لقاسم سليماني. حيث هناك ضغوط من قبل الجمهوريين في الداخل الأمريكي، كما أن الرئيس بايدن أمامه انتخابات ولا بد له من تقديم ورقة يظهر فيها قدرة إدارته على الردع. مع ذلك، لا أتوقع أن يصل مستوى الضربات لأهداف داخل الأراضي الإيرانية، بل أنها ستكون مقتصرة فقط على الميليشيات الولائية والأكثر تبعية للقيادة الإيرانية.
-
كيف يمكن قراءة تحركات فصائل موالية لإيران مؤخرا بالمنطقة مثل إخلاء مواقع في دير الزور بسوريا؟
أعتقد أن إخلاء الفصائل الموالية لإيران لبعض مواقعها وقواعدها في منطقة دير الزور ومناطق شرق الفرات بسوريا، هو إعادة انتشار وتموضع تتطلبه طبيعة انتشار هذه الفصائل في المنطقة، وهو لا يعكس انسحابا باتجاه العودة إلى الساحة العراقية. للدلالة على ذلك العملية التي استهدفت قاعدة التنف على الحدود الأردنية العراقية. أعتقد أن الجغرافيا ولو أنها كانت مهمة لنشاط هذه الفصائل، لكن لها قواعد بديلة داخل سوريا، كما أن طبيعة تسليحها واستخدامها الموسّع للطائرات المسيّرة والصواريخ بعيدة المدى ربما يغنيها عن استخدام الكثير من القواعد وبالتالي إبقائها عرضة للاستهداف الأمريكي.
-
هل يشكل هذا الهجوم بداية تفجر نزاع إقليمي واسع بين الغرب و”محور المقاومة”؟
رغم أن كل المؤشرات تشير إلى إصرار أمريكي وإيراني من “محور المقاومة” على ضبط حالة الصراع والاشتباك، بحدود ربطها بمرجعية ما يجري في غزة والحرب الإسرائيلية في القطاع ضد حركة حماس، فمن غير المتوقع أن تتوسع هذه العمليات لتتحول إلى حرب شاملة في المنطقة رغم أن هذا الاحتمال لا زال من السيناريوهات الضعيفة الواردة. إلا أنه لا يستبعد أن يكون هناك خطأ ما على طريقة ما تم الأحد من ضربة موجعة للولايات المتحدة فتكون ردود فعل قوية. في الحقيقة، يبقى هذا الاحتمال ضعيفا لأن لا إيران بوارد التصعيد وصولا لحرب شاملة، ولا الولايات المتحدة في ضوء الانتخابات القادمة، إذ أن فتح الجبهة بكاملها وتحولها إلى حرب أعتقد سيكون مغامرة من قبل الإدارة الأمريكية لن تقبل عليها مع اقتراب الانتخابات.
-
هل سيعيد بايدن فرض العقوبات التي كان ترامب فرضها على إيران؟
أعتقد أن تشديد العقوبات الأمريكية على إيران سيكون خيارا أمام بايدن، وسيكون هذا الموضوع أحد ملفات الضغط على إدارته المطروحة من قبل الجمهوريين الذين يشكلون أغلبية في الكونغرس. من المؤكد ستظهر مطالبات بهذا الاتجاه لا سيما في ظل أصوات تتعالى من قبل الجمهوريين بضرورة ضرب إيران وليس ضرب وكلائها وميليشياتها لكي تشعر إيران بأن هناك ردا أمريكيا.
اقرأ أيضاالعراق يحذر من “تصعيد غير مسؤول” إثر الضربات الأمريكية على فصائل موالية لإيران
وربما ستذهب الخزانة الأمريكية لإعادة فرض عقوبات على الكثير من الكيانات الإيرانية والأشخاص والأفراد الإيرانيين لا سيما من رموز الحرس الثوري وفيلق القدس التابع له والذي ينشط في أماكن مختلفة. إذ يبقى هذا من أحد الاحتمالات الواردة، لكننا لن نصل إلى عقوبات شاملة وواسعة، بل ستبقى في إطار الرسائل الموجهة إلى القيادة الإيرانية مفادها بأن الإدارة الأمريكية الحالية ليست ضعيفة ولن تبقى خاضعة لمعايير ومرجعية الانتخابات، بمعنى أنها لا تعني أن الولايات المتحدة غير قادرة على أن تخوض مغامرة جديدة في ظل هذه الضوابط، حيث إن واشنطن معنية بإرسال رسائل عكسية بأنها قادرة على الرد. لكن كل الإجراءات الأمريكية سواء العسكرية أو على صعيد العقوبات وكل التعامل مع إيران، سيبقى تعاملا منضبطا من قبل الإدارة الأمريكية الحالية في اتجاه عدم الوصول إلى صدام مباشر مع التشكيلات العسكرية الإيرانية، وإبقاء مستوى المواجهة مع أذرع إيران ومحاولة تخفيض مستوى التهديد الذي تمارسه، على غرار ما يجري في سوريا والعراق وتجاه الحوثيين في اليمن، إذ أن من الواضح جدا أن جميع الضربات والاشتباكات التي تجري في هذه الساحات، هي تستهدف ردع هذه الميليشيات.