النحاس يواصل صعوده القوي وسط شح المعروض وزيادة الرسوم الجمركية “صدى الخبر”

<p>يواصل النحاس تحقيق مكاسب قوية، مستفيداً من شح المعروض وتزايد التوجه العالمي نحو الكهربة، ليصبح من أبرز السلع أداءً في عام 2025.<br />وبحسب تقرير صادر عن ساكسو بنك، ارتفع مؤشر بلومبرغ للمعادن الصناعية بنسبة 2% خلال الأسبوع الأخير، مدفوعاً بشكل أساسي بموجة صعود في أسعار النحاس، والتي رفعت مكاسب المعدن منذ بداية العام إلى نحو 22%.</p><h2><strong>أسعار قياسية وسط طلب متزايد</strong></h2><p>في بورصة لندن للمعادن (LME)، تتداول العقود الآجلة للنحاس لثلاثة أشهر بالقرب من أعلى مستوياتها في عدة أشهر، متراوحة بين 9,800 و10,000 دولار للطن المتري. أما في بورصة كوميكس بنيويورك، فتُتداول عقود النحاس عالي الجودة قرب 5 دولارات للرطل، بعد أن لامست أعلى مستوياتها التاريخية عند 5.37 دولار في مارس، بفعل موجة شراء استباقية قبل فرض رسوم أمريكية جديدة على الواردات.</p><h2><strong>شح المعروض يفرض «انكماشاً سعرياً» ويشعل السوق</strong></h2><p>شهدت مخزونات النحاس في مستودعات بورصة لندن تراجعاً حاداً مؤخراً، نتيجة تسارع الشحنات نحو الولايات المتحدة قبيل تطبيق الرسوم الجمركية.<br />هذا النقص الحاد في المعروض أدى إلى حالة من "الانكماش السعري" ، حيث ارتفعت أسعار العقود القريبة الأجل مقارنة بالعقود الآجلة، وهو مؤشر واضح على ندرة الإمدادات.</p><p>ورغم أن هذه الحركة السعرية ترتكز حالياً على عوامل لوجستية ومخزونية، فإن العوامل الأساسية طويلة الأجل لا تزال داعمة بقوة لمسار النحاس الصاعد، في ظل تزايد الطلب العالمي مدفوعاً بالتحول نحو الطاقة النظيفة.</p><h2><strong>نمو كهربائي هائل في الصين والولايات المتحدة</strong></h2><p>تُعد الصين والولايات المتحدة من أبرز محرّكات الطلب على النحاس حالياً.<br />ففي الصين، نما استهلاك الكهرباء بمعدل سنوي بين 5-6% خلال العقد الماضي، ومن المتوقع أن يصل الطلب إلى 11,000 تيراواط ساعي بحلول 2030، ما يعادل تشغيل أكثر من مليون توربين رياح أو تريليون لوح شمسي.</p><p>أما في الولايات المتحدة، فتتوقع شركة كونستليشن إنرجي، أكبر مشغّل للطاقة النووية، أن يتضاعف نمو الطلب على الكهرباء حتى 2030.<br />ويأتي ذلك نتيجة لتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي، مراكز البيانات، المركبات الكهربائية، وخدمات الحوسبة السحابية.</p><h2><strong>توقعات بارتفاع استهلاك النحاس عالمياً</strong></h2><p>وفقاً للوكالة الدولية للطاقة (IEA)، يُتوقع أن يرتفع استهلاك النحاس العالمي من 26 مليون طن في 2023 إلى 33 مليون طن بحلول 2035، بزيادة تبلغ نحو 26%، نتيجة التحوّل العالمي نحو إزالة الكربون وتوسيع البنية التحتية للطاقة والاتصالات.</p><h2><strong>هل نحن أمام بداية دورة فائقة جديدة؟</strong></h2><p>تشير التقديرات إلى أن سوق السلع قد يكون في بداية "دورة فائقة" جديدة، شبيهة بتلك التي شهدناها في فترات سابقة مثل:</p><ul><li><p>1970–1990: صدمات النفط والتحول النقدي بعد بريتون وودز</p></li><li><p>2000–2020: التصنيع المتسارع في الصين والهند</p></li></ul><p>الدورة الحالية، التي يُعتقد أنها انطلقت في 2020، قد تُغذّى بما يُعرف بـ"العوامل الستة الكبرى":</p><ol><li><p>إزالة الكربون</p></li><li><p>تفكيك العولمة</p></li><li><p>زيادة الإنفاق الدفاعي</p></li><li><p>فك الارتباط بالدولار</p></li><li><p>التغيرات الديموغرافية</p></li><li><p>التغير المناخي والجفاف</p></li></ol><p>ويُعد النحاس عنصراً أساسياً في هذه العوامل، نظراً لدوره الحيوي في البنية التحتية للطاقة وشبكات الكهرباء.<br /> </p><h2><strong>النحاس: معدن المستقبل</strong></h2><p>يشير ساكسو بنك إلى أن موجة الصعود الحالية للنحاس تُظهر كيف يمكن لأساسيات السوق أن تدفع الأسعار بقوة في بيئة العرض المحدود.<br />ومع استمرار الطلب الهيكلي وغياب استثمارات كافية في التعدين والتكرير، يتجه السوق نحو أسعار أعلى وتقلبات أكبر.</p><p>وفي ظل جمعه بين العوامل الإيجابية على المدى القصير والدوافع القوية على المدى الطويل، يرسّخ النحاس مكانته المتصاعدة كـ"معدن المستقبل" في عالم الطاقة المستدامة والتحول الرقمي.</p>