رحلة من التقلبات السعرية عاشها المواطنون في مصر خلال العام الجاري 2024، بعضهم راهن على الذهب وآخرون راحوا يتزاحمون بأموالهم في طوابير سعيًا للحصول على شهادات البنوك، والبعض رأى موجات التضخم مقبلة من بعيد، فراح يهرول نحو ادخار أمواله في أصل عقاري، لحمايته من اضطرابات الاقتصاد.
وعانى الاقتصاد المصري العديد من التقلبات الناجمة عن الاضطرابات العالمية، ناهيك عن الأزمات الاقتصادية الناتجة عن صراعات الشرق الأوسط والبحر الأحمر، وبعض الدول المنتجة لسلع استراتيجية، مثل روسيا وأوكرانيا المتصارعين، اللتان تحتلان مكانة كبرى في سوقي الطاقة والقمح.
الاضطرابات الاقتصادية العالمية والمحلية وأثرها على المدخرات في مصر
ولا يمكن إغفال الاضطرابات الاقتصادية الداخلية التي عاشتها البلاد، والناجمة عن تغول السوق الموازية على تسعير الدولار وسائر العملات الأجنبية الأخرى، والتي وصلت بسعر العملة الأمريكية قبل تحرير سعر الصرف في مارس 2024، إلى أكثر من 70 جنيها، إلا أن البنك المركزي ضرب على منضدة النقد التي كانت تعج وقتها بالفوضى، ما نتج عنه ضبط سوق الصرف.
في نهاية العام الجاري 2024، يراجع المواطنون أنفسهم، بعدما راهنوا على قطاعات بعينها لادخار أموالهم فيها، والتي كان على رأسها (الذهب – الشهادات البنكية – العقارات)، لرصد ما تم تحقيقه من أرباح ومكاسب، خاصة مع انقضاء فترة الشهادات البنكية بانتهاء شهر ديسمبر الحالي.
تشهد الشهور المقبلة بداية من ديسمبر الجاري، خروج نحو 3 تريليونات جنيها من القطاع المصرفي إلى السوق المصرية، وهي الأموال التي تتنافس عليها القطاعات المتنوعة، من بينها البنوك أنفسها، بشهادات بنكية عالية العائد تصدر بداية كل عام، كما عودنا البنك المركزي، لامتصاص السيولة النقدية من السوق المصرية، ما يساهم في خفض مؤشرات التضخم.
في هذا التقرير سوف نرصد المكاسب التي حققتها القطاعات الثلاثة الكبرى، أو بالأحرى العائد على كل ادخار واستثمار فيها، بعد الوضع في الاعتبار مؤشرات التضخم التي تخطت نسبة 35%، في شهر فبراير 2024، مع الوضع في الاعتبار وصولها عند حدود الـ 40% نهاية 2023.
أرباح الذهب في 2024
استهل الذهب العام الجاري 2024، بسعر 3155 جنيها لجرام المعدن الأصفر عيار 21، وقد تباينت أسعاره متأثرًا بالتقلبات العالمية في البورصة العالمية للذهب ومستوى العرض والطلب، إلى جانب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، حتى وصل في أعلى قمة له عند حدود 3800 جنيه للجرام خلال الربع الأخير من العام الجاري، على خلفية فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد دفع فوز ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية الذهب وباقي المعادن الأخرى إلى الصعود نحو قمم غير مسبوقة في بورصة الذهب، سواء لعقود الشراء الفورية أو الآجلة (تسليم 3 أشهر).
ويرشح الكثير من محللي الأسواق العالمية والخبراء الاقتصاديين، ملامسة الذهب لحدود الـ 3000 دولار للأوقية، وهو ما يصعد بالسوق إلى الهاوية، ويربك حسابات ملايين المستثمرين حول العالم.
ويفضل المستثمرون والمدخرون حول العالم وفي مصر، استثمار أموالهم في الذهب، باعتباره أكثر الملاذات أمنًا على مر التاريخ.
وبحسبة بسيطة فإن مكاسب الذهب خلال العام الجاري 2024 سجلت نحو 14.7%، إذا ما تم الوضع في الاعتبار البيع خلال أعلى قمة تاريخية سجلها سعر الذهب في مصر وهو 3800 جنيها لعيار 21.
أرباح الشهادات البنكية في 2024
وحول الشهادات البنكية التي يطرحها بنكا «الأهلي ومصر» -الأكبر في القطاع المصرفي المصري- واللذان يعتمد عليهما «المركزي» في طرح الأوعية الادخارية الأعلى عائدًا بالسوق المحلية، فقد حققت أرباحًا بمقدار 27% خلال العام الجاري 2024.
وطرح البنك الأهلي المصري وبنك مصر في بداية 2024 شهادات بنكية ضمن أوعيتهما الادخارية، أمام راغبي الحفاظ على أموالهم، بمنأى عن موجات التضخم، وتم تقسيمها إلى شهادات بعائد 27% يتم استلامها في نهاية المدة، وإجمالي 23.5% سنويًا، تقسم عائدها على أقساط يستلمها المدخر شهريًا.
وعقب تحرير سعر الصرف في 6 مارس 2024، طرح البنكان وعاء ادخاريا جديدا بفائدة 30% متناقصة لمدة 3 سنوات، بنسبة ثلاثون في المائة لأول عام، والعام الثاني 25%، والثالث 20%.
أرباح العقارات في 2024
طبقًا للمواقع الإلكترونية لبيع العقارات، قسنا في تقريرنا، على سعر المتر في أشهر المجمعات السكنية والمدينة الأرقى في مصر (مدينتي) حيث كان متوسط سعر المتر للشقق السكنية في 2023، بين 25 وحتى 30 ألف جنيها للمتر، أما الآن فيتراوح سعر المتر بين 45 و60 ألف جنيها للمتر، ويزيد إلى 70 ألف جنيها في بعض المناطق المتميزة والأكثر حيوية.
وفي المناطق الشعبية كان متوسط سعر الشقة في 2023، مبلغًا مقداره 5 آلاف جنيها للمتر الواحد، أما الآن فسعر المتر يتراوح بين 10 آلاف و15 ألفًا للمتر الواحد في 2024. أي أن سعر الشقة ارتفع خلال عام واحد من 500 ألف جنيها للشقة 100 متر، إلى متوسط سعري 1.25 مليون جنيها، خلال الوقت الراهن للشقة بنفس المساحة السابق ذكرها.
وبتلك الحسبة البسيطة فإن نسبة الزيادة أو (الربح) كما يحلو للبعض أن يسميها، في قطاع العقارات بالنسبة لصغار المستثمرين خلال 2024، تخطت 150% على أصل الثمن.