عمون – كشفت دراسة حديثة عن الآليات الجزيئية التي تؤثر من خلالها المركبات النشطة في زيت الزيتون على الجينات المرتبطة بمرض السكري من النوع الثاني، مسلطةً الضوء على دور هذه المركبات في تعزيز حساسية الإنسولين وتحسين الصحة الأيضية.
مع تزايد عدد المصابين بمرض السكري حول العالم إلى أكثر من 537 مليون شخص، أصبح البحث عن حلول غذائية فعالة ضرورة ملحّة. ومن المعروف أن المكونات الغذائية تلعب دورًا رئيسيًا في الوقاية من الأمراض غير المعدية، مثل السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية.
يُعد زيت الزيتون عنصرًا أساسيًا في النظام الغذائي المتوسطي، وقد ارتبط منذ فترة طويلة بفوائد صحية متعددة، خاصة في تعزيز حساسية الإنسولين وتقليل الالتهابات. ويرجع ذلك إلى احتوائه على مركبات نشطة حيويًا، مثل الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة (MUFA) والبوليفينولات، التي تمتلك خصائص قوية مضادة للأكسدة والالتهابات.
التأثيرات الجزيئية لمركبات زيت الزيتون
يُعتبر حمض الأوليك، وهو من الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة، المكون الرئيسي لزيت الزيتون، وقد أظهرت الأبحاث أن الأنظمة الغذائية الغنية به تحسّن التحكم في مستويات السكر في الدم عن طريق تعزيز إشارات مستقبلات الإنسولين وزيادة امتصاص الجلوكوز في العضلات الهيكلية. كما ينشط حمض الأوليك مستقبلات PPAR-α التي تنظم عملية التمثيل الغذائي للدهون، مما يساعد في تقليل السمية الدهنية، والتي تُعد من العوامل الرئيسية المسببة لمقاومة الإنسولين.
دور البوليفينولات في الوقاية من السكري
تُعد البوليفينولات، مثل الهيدروكسي تيروسول والأوليوروبين، من أقوى مضادات الأكسدة الموجودة في زيت الزيتون البكر الممتاز. وتساهم هذه المركبات في الحد من تطور مرض السكري من النوع الثاني من خلال تعديل المسارات الالتهابية، مثل تثبيط بروتين NF-κB، مما يقلل من إنتاج السيتوكينات الالتهابية مثل TNF-α وIL-6.
كما تؤثر البوليفينولات على مسارات إشارات MAPK، مما يحسّن وظيفة مستقبلات الإنسولين ويحدّ من الالتهابات الخلوية. بالإضافة إلى ذلك، تعمل هذه المركبات على تنشيط عامل النسخ Nrf2، الذي يُعتبر منظّمًا رئيسيًا للدفاعات المضادة للأكسدة، مما يعزز مقاومة الخلايا للأضرار التأكسدية.
تحسين وظيفة خلايا بيتا والتمثيل الغذائي للدهون
تساعد مركبات زيت الزيتون أيضًا في تحسين بقاء خلايا بيتا المسؤولة عن إنتاج الإنسولين، وذلك من خلال تنظيم استجابة الإجهاد في الشبكة الإندوبلازمية وتحسين وظيفة الميتوكوندريا.
إلى جانب تعزيز حساسية الإنسولين، يساهم زيت الزيتون في تحسين التمثيل الغذائي للدهون عن طريق تقليل مستويات الأحماض الدهنية الحرة (FFA) في الدم، والتي تُعتبر من العوامل المسببة لمقاومة الإنسولين. كما تعزز الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة عملية أكسدة الدهون عبر تنشيط مستقبلات PPAR-α، مما يساعد في تقليل تراكم الدهون في الأنسجة غير الدهنية.
أهمية الدراسات المستقبلية
يؤكد الباحثون على الحاجة إلى مزيد من الدراسات السريرية لتحديد الجرعات المثلى من زيت الزيتون واستراتيجيات التغذية الشخصية. كما يشددون على أهمية توحيد معايير إنتاج زيت الزيتون لضمان تحقيق أقصى فائدة صحية.
تم نشر هذه الدراسة في مجلة Nutrients.
“وكالات”
[keywords]