وأوضح التقرير الذي نشره موقع “ناتسيف نت” الإخباري -المحسوب على الأجهزة الأمنية التابعة للاحتلال الإسرائيلي ويديره جنرال سابق في المخابرات العسكرية- أن التصريحات والمواقف المتزايدة بين الجانبين تشير إلى تغيير نوعي.
وأبرز التقرير تطوراً بالغ الأهمية يتمثل في استخدام مصر، ولأول مرة منذ اتفاقية عام 1979، لكلمة “العدو” للإشارة إلى الكيان الإسرائيلي خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة، عقب القصف الإسرائيلي لوفد حماس.
وأكد التقرير أن غياب السفراء بين البلدين لسنوات، وعدم رغبة القاهرة في تنصيب السفير الإسرائيلي الجديد، يمثلان مؤشراً عملياً على فتور العلاقات وضيق قنوات الاتصال المباشر. وأوضح التقرير أن هذا الوضع يُضعف آليات حل الأزمات التقليدية، مشيراً إلى أن الأزمة الراهنة تحولت إلى حرب سياسية بينما تقف العلاقات الأمنية على “شفا الهاوية”.
اتساع نطاق المواجهة: من العسكري إلى السياسي
ولفت التقرير العبري إلى أن المواجهة بين القاهرة وتل أبيب تتسم بأوجه متعددة، ولم تعد تقتصر على الجانب العسكري التقليدي، بل أصبحت معركة سياسية وإعلامية وأمنية معقدة.
وأضاف أنه إلى جانب الاتهامات المتعلقة بالحشد العسكري، يوسع الكيان الإسرائيلي نطاق اتهاماته لمصر، حيث تظهر مزاعم حول تهريب أسلحة عبر الحدود، مشيراً إلى تقارير إسرائيلية تدعي عبور أكثر من 100 طائرة بدون طيار الحدود المصرية خلال شهر واحد.
ويرى المحللون -حسب التقرير- أن هذه الاتهامات تُستخدم كـ”ذريعة” لعدة أغراض، منها إيجاد مبرر علني لتعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي على طول الحدود مع مصر استعداداً لأي سيناريو محتمل. والغرض الثاني هو الضغط على مصر أمنياً ودبلوماسياً من خلال تصويرها كجهة غير قادرة أو غير راغبة في السيطرة على حدودها، مما يسهل على الكيان طلب التدخل الأمريكي نيابة عنها.
الاستراتيجية المصرية: “تسييس الدفاع” والشرعية الدولية
في المقابل، أشار التقرير إلى أن مصر تتبنى استراتيجية ترتكز على ركيزتين:
الشرعية الدولية: حيث أكدت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية بشكل قاطع أن جميع التحركات العسكرية في سيناء تتم في إطار “تنسيق مسبق مع أطراف اتفاقية كامب ديفيد”.
رفض التهجير كخط أحمر: يظل الرفض القاطع لخطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء جوهر الاستراتيجية الدفاعية المصرية، حيث تعتبر ذلك أمراً يعادل إعلان الحرب على السيادة المصرية. لذلك، يُفسر التعزيز الأمني على أنه استعداد للدفاع عن الحدود ضد أي عواقب قد تترتب على استمرار الحرب في غزة.
وكشف التقرير عن الطبيعة المثلثية للعلاقات بين مصر والكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة، حيث سعى الكيان إلى تدخل أمريكي للضغط على القاهرة. وقد تدفع هذه الديناميكية مصر إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية والدولية الأخرى لتحقيق التوازن الاستراتيجي.
حرب على الورق وعلى الأرض
ولخص التقرير المشهد الحالي بأنه “حرب على الورق وعلى الأرض”، حيث تسعى الاستراتيجية الإسرائيلية إلى “عسكرة الأزمة” من خلال تضخيم التهديدات، بينما تنتهج مصر استراتيجية “تسييس الدفاع” من خلال الالتزام بالاتفاقيات الدولية. ويعتمد نجاح كل استراتيجية على قدرة كل طرف على حشد الدعم الدولي وإدارة التوترات دون انزلاق كامل إلى الهاوية، “وهو أمر لا يرغب فيه أي من الطرفين تماماً، لكن المنطقة على شفا الهاوية أكثر من أي وقت مضى”.