وعلى الرغم من تزامن هذا الارتفاع مع موسم العيد، يستبعد مختصون أن يكون للطلب المحلي دور كبير، مؤكدين أن العوامل العالمية هي المحرك الرئيسي للسوق حاليًا، وسط وعي متزايد بين المشترين.
ورصدت صحيفة “اليوم” آراء عدد من المستثمرين في الذهب والمتسوقين، حول تحركات الأسعار والدوافع وراء الشراء.
الاضطرابات العالمية
قال أحمد عبدالهادي، صاحب أحد محال الذهب، إن الذهب يُعد من أهم الأصول العالمية، لما له من تأثير مباشر على اقتصاديات الدول.
وأشار إلى أن اكتناز الذهب يُعتبر فرصة استثمارية مجدية في ظل التقلبات الاقتصادية.
وأضاف: “شهدنا خلال شهر رمضان وحتى اليوم تغيرات ملحوظة في أسعار الذهب العالمية، وقد لوحظ إقبال على الشراء خلال الشهر الفضيل، لكن الأوضاع تغيرت مؤخرًا مع استمرار التذبذب في السوق.”
وقال مجتبى الناصر، أحد تجار الذهب في الدمام، إن ثقافة الذهب لدى الكثير من المستهلكين قد تطورت نحو الأفضل.
ونوه بوجود وعي اقتصادي متزايد بأسعار الذهب وأهميته كأداة ادخار.
وأضاف: “بات من الواضح أن هناك متابعة دقيقة لحركة السوق من قبل شريحة واسعة من الناس، ما يدل على الإلمام المتزايد بأهمية هذا المعدن الثمين كملاذ آمن.”
وقالت الهنوف المصموم إن زيارتها لسوق الذهب تهدف إلى الاستثمار، مشيرة إلى أنها لاحظت ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الذهب مقارنة بما كانت عليه قبل سبعة أشهر.
وأضافت: “في رمضان الماضي، اختلفت أذواق الناس في اختيار المجوهرات من ناحية الأشكال والأحجام، وكان الشراء يتركز على الاستعداد لعيد الفطر، أما اليوم فإن دافع الشراء بات في كثير من الأحيان استثماريًا بحتًا.”
أرقام قياسية للذهب.
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا غير مسبوق في أسعاره، ليصل إلى أعلى مستوياته التاريخية، متأثرًا بعوامل جيوسياسية عالمية متصاعدة، في وقت استبعد فيه باعة ومختصون أن يكون موسم العيد أو الطلب المحلي سببًا لهذا الارتفاع.
وفي جولة خاصة لصحيفة “اليوم” في أكبر مجمع للذهب بجدة، أجمع عدد من باعة الذهب في مختلف مناطق المملكة على أن الذهب اليوم يُثبت مجددًا أنه “الملاذ الآمن” سواء للتجارة أو الادخار، مؤكدين أن من استثمر فيه في الماضي، يجني اليوم أرباحًا كبيرة.
قال عبدالله الصيعري، مختص منذ 22 سنة في مجال الذهب، إن أسعار الذهب اليوم تحطم أرقامًا قياسية، بسعر الأونصة التقريبي 3038 دولارًا.
وأضاف: “يتميز سوق المملكة بضخامته، حيث يحوي العديد من العيارات والمشغولات، وسعر الذهب واحد لا يفرق بين المحلي أو المستورد لأنه مرتبط بالسعر العالمي، أما الفارق فهو في سعر المصنعية فقط. عيار 21 هو الأفضل من حيث سعر الشراء وسعر البيع، والمدن الكبيرة في المملكة لا تتأثر بعوامل العرض والطلب.”
الذهب زينة وخزينة
وقال سليم بن مالك، أحد المديرين التنفيذيين لمحال الذهب بالجملة، إن أسعار الذهب مرتفعة وتعد الأعلى تاريخياً، مشيرًا إلى أنها فرصة للراغبين في البيع بسبب الاضطرابات الاقتصادية العالمية والمشاكل الجيوسياسية.
وأضاف: “أفضل استثمار هو شراء السبائك، لعدم وجود ضريبة عليها، والذهب دائمًا زينة وخزينة. أما المشغولات فتضاف لها سعر المصنعية. الاعتقاد بأن موسم العيد هو المحرك وراء ارتفاع الأسعار هذا العام غير دقيق، فالارتفاع عالمي والسبب ليس محليًا.”
وقال البائع صالح الصيعري إن أنواع الذهب في السعودية كثيرة وتختلف في العيارات وأسعار المصنعية التي تتحكم فيها جودة المشغولات.
الطلب المحلي
وأضاف: “الأسعار التي نشهدها هذه الأيام لم نعهدها من قبل، وسجل الذهب مستويات تاريخية لم ترتفع بسبب الطلب المحلي أو موسم الأعياد، بل بفعل التوترات السياسية والاقتصادية في العالم. كثير من الزبائن يتفاجأون من الأسعار ويعتقدون أنها مؤقتة، إلا أن الواقع يقول غير ذلك، فالعوامل العالمية هي التي تحرك السعر وليس العرض والطلب المحلي.”
وأشار قيس المنهالي، بائع ذهب، إلى أن الذهب هو الملاذ الآمن للتجارة وحفظ المال، رغم أن الأسعار قد تشكل عبئًا على البعض في الوقت الحالي، خاصة الراغبين في الشراء للمناسبات. إلا أن الجميع يتفق على أن الذهب يبقى أحد أكثر الأصول أمانًا على مر العصور.
وأضاف: “سواء كنت بائعًا، أو مشتريًا، أو مستثمرًا، فإن قاعدة “من اشترى الذهب لم يخسر” لا تزال راسخة في أذهان الكثير، خصوصاً مع ازدياد الوعي بأهمية الادخار والتحوط في ظل عالم متقلب.”
من ناحية أخرى، قال أحد المشترين إنه يحول دائمًا جزءًا من راتبه لشراء الذهب، بهدف الادخار وتحقيق الاستثمار في المستقبل، مؤكدًا أن الذهب يحقق له طمأنينة مالية، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية.
