العرب وأسرار “العنبر”! | منوعات “صدى الخبر”

admin6 فبراير 20250 مشاهدةآخر تحديث :
العرب وأسرار “العنبر”! | منوعات “صدى الخبر”

عمون – ظل مصدر العنبر لغزًا لفترة طويلة، لكن العرب لم يكتفوا بمعرفته منذ القدم، بل كشفوا الكثير من أسراره وكانوا من أوائل من استخدموه في صناعة العطور. لعب العنبر دورًا مهمًا في حياة العرب وثقافتهم، حيث وجدوا له فوائد متعددة سواء في العطور أو الطب التقليدي.

وصفه العرب بأنه مادة ثمينة واعتبروه هدية من البحر، حيث كانوا يعثرون عليه على الشواطئ بعدما تجرفه الأمواج. أدركوا قيمته العالية واستشهدوا به في أشعارهم وكتبهم، مشيدين برائحته العطرة.

لم يقتصر استخدام العنبر على العطور فحسب، بل استخدم أيضًا كمنشط جنسي ودواء وحتى كبخور، حيث كانوا يشعلون قطعًا منه لينتشر عبيره الزكي في الأجواء. كما اعتقدوا أن استنشاق رائحته يساعد في علاج الأمراض العصبية.

إضافة إلى ذلك، اعتمد العرب على العنبر في التداوي من أمراض الجهاز الهضمي والصداع، وكان يُعد رمزًا للرفاهية والثراء نظرًا لندرته، حتى إنه كان يُقدَّم كهدية ثمينة. كما اعتقدوا أنه قد يساعد في علاج العقم عند النساء، بينما في المغرب كان يُستخدم في إعداد الشاي، حيث تُلصق قطعة صغيرة من العنبر بغطاء إبريق الشاي، مما يكسبه مذاقًا مميزًا ورائحة زكية عند تفاعل البخار معه.

أما في أوروبا، فقد استخدم العنبر خلال القرن الرابع عشر كتعويذة للحماية من الطاعون، بينما وصفه المؤرخ روبرت ماي في القرن السابع عشر بأن رائحته تجمع بين الخشب والزهور، وتشبه عبق الأوراق المتساقطة وأرض الغابات الرطبة.

أما في الصين، فقد ساد الاعتقاد بأن العنبر يتكون من لعاب التنين الساقط في البحر، كما ذكرت السجلات في القرن الخامس عشر أنه قد يكون ناتجًا عن شجرة النسغ أو رغوة البحر أو تبلورًا من الدموع، مما أضفى عليه هالة سحرية وزاد من قيمته التجارية.

منشأ العنبر
العنبر الذي كانت تلقيه الأمواج على الشواطئ في العصور القديمة هو مادة تتكون في أحشاء حوت العنبر، حيث يتشكل في أمعائه كآلية طبيعية لحماية الجهاز الهضمي من الأجسام الصلبة، مثل مناقير الحبار التي يبتلعها. بعد خروجه من جسم الحوت واختلاطه بمياه البحر، يتحول إلى مادة شمعية عطرية.

اللافت أن العلماء لم يتمكنوا من التأكد من أصل العنبر بشكل قاطع إلا في عام 2020، بعد تحليل الحمض النووي لعيناته، لكن كيفية تكوّنه لا تزال غير واضحة تمامًا.

يظل العنبر اليوم كما كان في الماضي عنصرًا أساسيًا في صناعة العطور الفاخرة نظرًا لخصائصه المثبتة في تثبيت الروائح، حيث يدخل في تركيب العديد من العطور الشهيرة، مثل “شانيل رقم 5”. والمفارقة أن هذه المادة العطرية الثمينة ما هي إلا إفرازات الحيتان.

آراء الخبراء حول العنبر
قدم الخبير السوفيتي والروسي أفينير توميلين دراسة شاملة عن العنبر، أشار فيها إلى اختلاف النظريات العلمية حول منشئه، إذ يعتقد بعض العلماء أنه ناتج عن إفرازات المرارة في حيتان العنبر المريضة، بينما يرى آخرون أنه إفراز طبيعي لغدد مستقيم الحيتان السليمة، أو أنه مادة وقائية للأمعاء من تهيج الطفيليات ومناقير الحبار الصلبة. ومن المثير للاهتمام أن العنبر كان يُستخرج فقط من أمعاء ذكور الحيتان.

في البداية، تكون رائحة العنبر شبيهة برائحة الأرض، لكنها تتغير عند تخزينه في حاويات محكمة الإغلاق، ليكتسب رائحة المسك أو الياسمين، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في صناعة العطور لتثبيت الروائح الزهرية.

يُقال إن عالم الحيوان البريطاني توماس بيل نجح في استخراج مادة شبيهة بالعنبر من براز حوت العنبر المجفف، لكن طريقته لم تصل إلينا. وحاليًا، هناك محاولات لإعادة إنتاج العنبر بهذه الطريقة، مما قد يفتح الباب أمام صيد حيتان العنبر بغرض جمع إفرازاتها لاستخدامها في صناعة العطور.

وعلى عكس الاعتقاد السائد بندرة العنبر، فقد أظهرت الدراسات أنه يوجد في أمعاء 4 إلى 5% من حيتان العنبر التي تم فحصها، مع تسجيل أكبر قطعة تم العثور عليها بوزن 420 كيلوغرامًا.

“وكالات”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...سياسة الخصوصية

موافق